فصل: كتاب الْأَطْعِمَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منهاج الطالبين وعمدة المتقين ***


كتاب قَطْعِ السَّرِقَةِ

يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ فِي الْمَسْرُوقِ أُمُورٌ‏:‏ كَوْنُهُ رُبُعَ دِينَارٍ خَالِصًا أَوْ قِيمَتَهُ، وَلَوْ سَرَقَ رُبُعًا سَبِيكَةً لَا يُسَاوِي رُبُعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تُسَاوِي رُبُعًا قُطِعَ، وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبُعٍ جَهِلَهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى، وَإِلَّا قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ نَقَّبَ وِعَاءَ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا فَانْصَبَّ نِصَابٌ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ قُطِعَا، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَلَوْ سَرَقَ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا وَكَلْبًا وَجِلْدَ مَيِّتَةٍ بِلَا دَبْغٍ فَلَا قَطْعَ، فَإِنْ بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا قُطِعَ عَلَى الصَّحِيحِ‏.‏

وَلَا قَطْعَ فِي طُنْبُورٍ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ‏:‏ إنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ نِصَابًا قُطِعَ‏.‏

قُلْت‏:‏ الثَّانِي أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

الثَّانِي كَوْنُهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ‏.‏

فَلَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ نَقَصَ فِيهِ عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ‏.‏

وَكَذَا إنْ ادَّعَى مِلْكَهُ عَلَى النَّصِّ‏.‏

وَلَوْ سَرَقَا وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَهُ أَوْ لَهُمَا فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ الْمُدَّعِي، وَقُطِعَ الْآخَرُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزِ شَرِيكِهِ مُشْتَرَكًا فَلَا قَطْعَ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ‏.‏

الثَّالِثُ عَدَمُ شُبْهَةٍ فِيهِ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ أَصْلٍ وَفَرْعٍ وَسَيِّدٍ‏.‏

وَالْأَظْهَرُ قَطْعُ أَحَدِ زَوْجَيْنِ بِالْآخَرِ‏.‏

وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ، إنْ فُرِزَ لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ قُطِعَ، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَسْرُوقِ كَمَالِ مَصَالِحَ وَكَصَدَقَةٍ وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَا، وَإِلَّا قُطِعَ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ لَا حُصْرِهِ، وَقَنَادِيلَ تُسْرَجُ‏.‏

وَالْأَصَحُّ قَطْعُهُ بِمَوْقُوفٍ‏.‏

وَأُمِّ وَلَدٍ سَرَقَهَا نَائِمَةً، أَوْ مَجْنُونَةً‏.‏

الرَّابِعُ كَوْنُهُ مُحَرَّزًا بِمُلَاحَظَةِ أَوْ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ، فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ اُشْتُرِطَ دَوَامُ لِحَاظٍ، وَإِنْ كَانَ بِحِصْنٍ كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ، وَإِصْطَبْلٌ حِرْزُ دَوَابَّ، لَا آنِيَةٍ وَثِيَابٍ، وَعَرْصَةُ دَارٍ، وَصُفَّتُهَا حِرْزُ آنِيَةٍ وَثِيَابِ بِذْلَةٍ، لَا حُلِيٍّ، وَنَقْدٍ‏.‏

وَلَوْ نَامَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ تَوَسَّدَ مَتَاعًا فَمُحْرَزٌ، فَلَوْ انْقَلَبَ فَزَالَ عَنْهُ فَلَا، وَثَوْبٌ وَمَتَاعٌ وَضَعَهُ بِقُرْبِهِ بِصَحْرَاءَ إنْ لَاحَظَهُ مُحْرَزٌ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ بِقُوَّةٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ‏.‏

وَدَارٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْعِمَارَةِ إنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَمُتَّصِلَةٌ حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ وَحَافِظٍ وَلَوْ نَائِمٌ، وَمَعَ فَتْحِهِ وَنَوْمِهِ غَيْرُ حِرْزٍ لَيْلاً، وَكَذَا نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَكَذَا يَقْظَانُ تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ خَلَتْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ فَلَا‏.‏

وَخَيْمَةٌ بِصَحْرَاءَ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَطْنَابُهَا وَتُرْخَى أَذْيَالُهَا فَهِيَ وَمَا فِيهَا كَمَتَاعٍ بِصَحْرَاءَ، وَإِلَّا فَحِرْزٌ بِشَرْطِ حَافِظٍ قَوِيٍّ فِيهَا وَلَوْ نَائِمٌ‏.‏

وَمَاشِيَةٌ بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ مُحْرَزَةٌ بِلَا حَافِظٍ‏.‏

وَبِبَرِّيَّةٍ يُشْتَرَطُ حَافِظٌ وَلَوْ نَائِمٌ‏.‏

وَإِبِلٌ بِصَحْرَاءَ مُحْرَزَةٌ بِحَافِظٍ يَرَاهَا‏.‏

وَمَقْطُورَةٌ يُشْتَرَطُ الْتِفَاتُ قَائِدِهَا إلَيْهَا كُلَّ سَاعَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا، وَأَنْ لَا يَزِيدَ قِطَارٌ عَلَى تِسْعَةٍ‏.‏

وَغَيْرُ مَقْطُورَةٍ لَيْسَتْ مُحْرَزَةً فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَكَفَنٌ فِي قَبْرٍ بِبَيْتٍ مُحْرَزٍ مُحْرَزٌ‏.‏

وَكَذَا بِمَقْبَرَةٍ بِطَرَفِ الْعِمَارَةِ فِي الْأَصَحِّ لَا بِمَضْيَعَةٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏فيما يمنع القطع وما لا يمنعه‏]‏

يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ، وَكَذَا مُعِيرُهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ غَصَبَ حِرْزًا لَمْ يُقْطَعْ مَالِكُهُ، وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ غَصَبَ مَالاً وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ الْمَغْصُوبَ فَلَا قَطْعَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدٌ وَدِيعَةً‏.‏

وَلَوْ نَقَبَ وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

قُلْت‏:‏ هَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ لِمَالِكِ النَّقْبِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَلَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ فَلَا قَطْعَ‏.‏

وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ قُطِعَ الْمُخْرِجُ‏.‏

وَلَوْ وَضَعَهُ بِوَسَطِ نَقْبِهِ فَأَخَذَهُ خَارِجٌ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَيْنِ لَمْ يُقْطَعَا فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَوْ رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ أَوْ وَضَعَهُ بِمَاءٍ جَارٍ أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ سَائِرَةٍ أَوْ عَرَّضَهُ لِرِيحٍ هَابَّةٍ فَأَخْرَجَتْهُ قُطِعَ‏.‏

أَوْ وَاقِفَةٍ فَمَشَتْ بِوَضْعِهِ فَلَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا يُضْمَنُ حُرٌّ بِيَدٍ، وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ‏.‏

وَلَوْ سَرَقَ صَغِيرًا بِقِلَادَةٍ فَكَذَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ نَامَ عَبْدٌ عَلَى بَعِيرٍ فَقَادَهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ قُطِعَ، أَوْ حُرٌّ فَلَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ نَقَلَ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ إلَى صَحْنِ دَارٍ بَابُهَا مَفْتُوحٌ قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ إنْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ قُطِعَ‏.‏

وَبَيْتُ خَانٍ وَصَحْنُهُ كَبَيْتٍ، وَ دَارٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في شروط السارق الذي يقطع‏]‏

لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ‏.‏

وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، وَفِي مُعَاهَدٍ أَقْوَالٌ‏:‏ أَحْسَنُهَا إنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا قَطْعَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ بِإِقْرَارِ السَّارِقِ، وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ‏.‏

وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ، وَلَا يَقُولُ‏:‏ ارْجِعْ‏.‏

وَلَوْ أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ، بَلْ يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

أَوْ أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنًا حُدَّ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ، وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ شُرُوطُ السَّرِقَةِ‏.‏

وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ كَقَوْلِهِ‏:‏ سَرَقَ بُكْرَةً، وَالْآخَرِ عَشِيَّةً فَبَاطِلَةٌ‏.‏

وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ، فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ‏.‏

فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَثَالِثًا يَدُهُ الْيُسْرَى، وَرَابِعًا رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ وَيُغْمَسُ مَحَلُّ الْقَطْعِ بِزَيْتٍ أَوْ دُهْنٍ مُغْلًى، قِيلَ‏:‏ هُوَ تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ، فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ‏.‏

وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ الْكُوعِ، وَالرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ‏.‏

وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلَا قَطْعٍ كَفَتْ يَمِينُهُ‏.‏

وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ قُلْت‏:‏ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتْ الْخَمْسُ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَتُقْطَعُ يَدٌ زَائِدَةٌ أُصْبُعًا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ سَقَطَ الْقَطْعُ، أَوْ يَسَارُهُ فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

باب قَاطِعِ الطَّرِيقِ

هُوَ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ لَهُ شَوْكَةٌ، لَا مُخْتَلِسُونَ يَتَعَرَّضُونَ لِآخِرِ قَافِلَةٍ يَعْتَمِدُونَ الْهَرَبَ، وَاَلَّذِينَ يَغْلِبُونَ شِرْذِمَةً بِقُوَّتِهِمْ قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ، لَا لِقَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ، وَحَيْثُ يَلْحَقُ غَوْثٌ لَيْسَ بِقُطَّاعٍ، وَفَقْدُ الْغَوْثِ يَكُونُ لِلْبُعْدِ أَوْ لِضَعْفٍ وَقَدْ يَغْلِبُونَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فِي بَلَدٍ فَهُمْ قُطَّاعٌ‏.‏

وَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالاً وَلَا نَفْسًا عَزَّرَهُمْ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَإِذَا أَخَذَ الْقَاطِعُ نِصَابَ السَّرِقَةِ قَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى وَرِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ فَيُسْرَاهُ وَيُمْنَاهُ‏.‏

وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ حَتْمًا‏.‏

وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ مَالاً قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ ثَلَاثًا ثُمَّ يُنَزَّلُ، وَقِيلَ يَبْقَى حَتَّى يَسِيلَ صَدِيدُهُ، وَفِي قَوْلٍ يُصْلَبُ قَلِيلاً ثُمَّ يُنَزَّلُ فَيُقْتَلُ‏.‏

وَمَنْ أَعَانَهُمْ وَكَثَّرَ جَمْعَهُمْ عُزِّرَ بِحَبْسٍ وَتَغْرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ‏:‏ يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ إلَى حَيْثُ يَرَاهُ‏.‏

وَقَتْلُ الْقَاطِعِ يُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ، وَفِي قَوْلٍ الْحَدِّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَ ذِمِّيٍّ‏.‏

وَلَوْ مَاتَ فَدِيَةٌ‏.‏

وَلَوْ قَتَلَ جَمْعًا قُتِلَ بِوَاحِدٍ، وَلِلْبَاقِينَ دِيَاتٌ‏.‏

وَلَوْ عَفَا وَلِيُّهُ بِمَالٍ وَجَبَ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَيُقْتَلُ حَدًّا‏.‏

وَلَوْ قَتَلَ بِمُثْقَلٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ‏.‏

وَلَوْ جَرَحَ فَانْدَمَلَ لَمْ يَتَحَتَّمْ قِصَاصٌ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَتَسْقُطُ عُقُوبَاتٌ تَخُصُّ الْقَاطِعَ بِتَوْبَتِهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، لَا بَعْدَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا تَسْقُطُ سَائِرُ الْحُدُودِ بِهَا فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في اجتماع عقوبات على شخص واحد‏]‏

مَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ وَقَطْعٌ وَحَدُّ قَذْفٍ وَطَالَبُوهُ جُلِدَ ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ، وَيُبَادَرُ بِقَتْلِهِ بَعْدَ قَطْعِهِ لَا قَطْعُهُ بَعْدَ جَلْدِهِ إنْ غَابَ مُسْتَحِقُّ قَتْلِهِ، وَكَذَا إنْ حَضَرَ وَقَالَ عَجِّلُوا الْقَطْعَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ جُلِدَ فَإِذَا بَرِئَ قُطِعَ، وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرَفٍ جُلِدَ، وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ فَإِنْ بَادَرَ فَقَتَلَ فَلِمُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ دِيَةٌ، وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ حَقَّهُ فَالْقِيَاسُ صَبْرُ الْآخَرِينَ‏.‏

وَلَوْ اجْتَمَعَ حُدُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى قُدِّمَ الْأَخَفُّ فَالْأَخَفُّ‏.‏

أَوْ عُقُوبَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْآدَمِيِّينَ قُدِّمَ حَدُّ قَذْفٍ عَلَى زِنًا، وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى حَدِّ شُرْبِ، وَأَنَّ الْقِصَاصَ قَتْلاً وَقَطْعًا يُقَدَّمُ عَلَى الزِّنَا‏.‏

كتاب الأشربة

كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ حَرُمَ قَلِيلُهُ‏.‏

وَحُدَّ شَارِبُهُ إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَحَرْبِيًّا وَذِمِّيًّا وَمُوجَرًا وَكَذَا مُكْرَهٌ عَلَى شُرْبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

وَمَنْ جَهِلَ كَوْنَهَا خَمْرًا‏:‏ لَمْ يُحَدَّ، وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ فَقَالَ‏:‏ جَهِلْتُ تَحْرِيمَهَا لَمْ يُحَدَّ، أَوْ جَهِلْتُ الْحَدَّ حُدَّ‏.‏

وَيُحَدُّ بِدُرْدِيِّ خَمْرٍ لَا بِخُبْزٍ عُجِنَ دَقِيقُهُ بِهَا، وَمَعْجُونٍ هِيَ فِيهِ، وَكَذَا حُقْنَةٌ وَسَعُوطٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَمَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ أَسَاغَهَا بِخَمْرٍ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا لِدَوَاءٍ وَعَطَشٍ‏.‏

وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ وَرَقِيقٍ عِشْرُونَ بِسَوْطٍ أَوْ أَيْدٍ أَوْ نِعَالٍ أَوْ أَطْرَافِ ثِيَابٍ، وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ سَوْطٌ‏.‏

وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ بُلُوغَهُ ثَمَانِينَ جَازَ فِي الْأَصَحِّ، وَالزِّيَادَةُ تَعْزِيرَاتٌ، وَقِيلَ حَدٌّ‏.‏

وَيُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، لَا بِرِيحِ خَمْرٍ وَسُكْرٍ وَقَيْءٍ، وَيَكْفِي فِي إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ شَرِبَ خَمْرًا، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ مُخْتَارٌ‏.‏

وَلَا يُحَدُّ حَالَ سُكْرِهِ، وَسَوْطُ الْحُدُودِ بَيْنَ قَضِيبٍ وَعَصًا وَ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَيُفَرِّقُهُ عَلَى الْأَعْضَاءِ إلَّا الْمَقَاتِلَ وَالْوَجْهَ، قِيلَ‏:‏ وَالرَّأْسَ وَلَا تُشَدُّ يَدُهُ، وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ، وَيُوَالِي الضَّرْبَ بِحَيْثُ يَحْصُلُ زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في التعزير‏]‏

يُعَزَّرُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ لَهَا وَلَا كَفَّارَةَ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ أَوْ تَوْبِيخٍ، وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ، وَقِيلَ إنْ تَعَلَّقَ بِآدَمِيٍّ لَمْ يَكْفِ تَوْبِيخٌ‏.‏

فَإِنْ جَلَدَ وَجَبَ أَنْ يَنْقُصَ فِي عَبْدٍ عَنْ عَشْرٍ جَلْدَةً وَحُرٍّ عَنْ أَرْبَعِينَ، وَقِيلَ عِشْرِينَ، وَيَسْتَوِي فِي هَذَا جَمِيعُ الْمَعَاصِي فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ فَلَا تَعْزِيرَ لِلْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ تَعْزِيرٍ فَلَهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

كتاب الصِّيَالِ وَضَمَانِ الْوُلَاةِ لَهُ

دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ مَالٍ‏.‏

فَإِنْ قَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ‏.‏

وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ وَيَجِبُ عَنْ بُضْعٍ، وَكَذَا نَفْسٍ قَصَدَهَا كَافِرٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، لَا مُسْلِمٌ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقِيلَ يَجِبُ قَطْعًا‏.‏

وَلَوْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا ضَمِنَهَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ بِالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَمْكَنَ بِكَلَامٍ وَاسْتِغَاثَةٍ حَرُمَ الضَّرْبُ، أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ سَوْطٌ، أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا، أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ هَرَبٌ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ، وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ‏.‏

وَلَوْ عُضَّتْ يَدُهُ خَلَّصَهَا بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ فَسَلَّهَا فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ فَهَدَرٌ‏.‏

وَمَنْ نُظِرَ إلَى حُرَمِهِ فِي دَارِهِ مِنْ كَوَّةٍ أَوْ ثَقْبٍ عَمْدًا فَرَمَاهُ بِخَفِيفٍ كَحَصَاةٍ فَأَعْمَاهُ، أَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ، بِشَرْطِ عَدَمِ مَحْرَمٍ وَزَوْجَةٍ لِلنَّاظِرِ، قِيلَ وَاسْتِتَارِ الْحُرَمِ، قِيلَ‏:‏ وَإِنْذَارٍ قَبْلَ رَمْيِهِ‏.‏

وَلَوْ عَزَّرَ وَلِيٌّ وَوَالٍ وَزَوْجٌ وَمُعَلَّمٌ فَمَضْمُونٌ‏.‏

وَلَوْ حَدَّ مُقَدَّرًا فَلَا ضَمَانَ‏.‏

وَلَوْ ضُرِبَ شَارِبٌ بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا عَلَى الْمَشْهُورِ‏.‏

أَوْ أَكْثَرُ وَجَبَ قِسْطُهُ بِالْعَدَدِ، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةٍ، وَيَجْرِيَانِ فِي قَاذِفٍ جُلِدَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ‏.‏

وَلِمُسْتَقِلٍّ قَطْعُ سِلْعَةٍ إلَّا مَخُوفَةً لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا، أَوْ الْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا أَكْثَرُ، وَلِأَبٍ وَجَدٍّ قَطْعُهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ مَعَ الْخَطَرِ إنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ لَا لِسُلْطَانٍ، وَلَهُ وَلِسُلْطَانٍ قَطْعُهَا بِلَا خَطَرٍ، وَفَصْدٌ وَحِجَامَةٌ، فَلَوْ مَاتَ بِجَائِزٍ مِنْ هَذَا فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ فَعَلَ سُلْطَانٌ بِصَبِيٍّ مَا مُنِعَ فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَمَا وَجَبَ بِخَطَأِ إمَامٍ فِي حَدٍّ أَوْ حُكْمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، وَفِي قَوْلٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ‏.‏

وَلَوْ حَدَّهُ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ، مُرَاهِقَيْنِ فَإِنْ قَصَّرَ فِي اخْتِبَارِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ، فَإِنْ ضَمَّنَا عَاقِلَةً أَوْ بَيْتَ مَالٍ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَمَنْ حَجَمَ أَوْ فَصَدَ بِإِذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ‏.‏

وَقَتْلُ جَلَّادٍ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ إنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ وَإِلَّا فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ إنْ لَمْ يَكُنْ إكْرَاهٌ‏.‏

وَيَجِبُ خِتَانُ الْمَرْأَةِ بِجُزْءٍ مِنْ اللَّحْمَةِ بِأَعْلَى الْفَرْجِ، وَالرَّجُلِ بِقَطْعِ مَا تُغَطِّي حَشَفَتَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ‏.‏

وَيُنْدَبُ تَعْجِيلُهُ فِي سَابِعِهِ فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ احْتِمَالِهِ أُخِّرَ، وَمَنْ خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُهُ لَزِمَهُ قِصَاصٌ إلَّا وَالِدًا، فَإِنْ احْتَمَلَهُ وَخَتَنَهُ وَلِيٌّ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَأُجْرَتُهُ فِي مَالِ الْمَخْتُونِ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في حكم إتلاف البهائم‏]‏

مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ أَوْ دَوَابَّ ضَمِنَ إتْلَافَهَا نَفْسًا وَمَالاً لَيْلاً وَنَهَارًا‏.‏

وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ‏.‏

وَيَحْتَرِزُ عَمَّا لَا يَعْتَادُ كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحْلٍ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ بَهِيمَةٍ فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَهُ، وَإِنْ دَخَلَ سُوقًا فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ ضَمِنَ إنْ كَانَ زِحَامٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَتَمَزَّقَ ثَوْبٌ فَلَا، إلَّا ثَوْبَ أَعْمَى وَمُسْتَدْبِرِ الْبَهِيمَةِ فَيَجِبُ تَنْبِيهُهُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ، فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ أَوْ عَرَّضَهُ لِلدَّابَّةِ فَلَا‏.‏

وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا، أَوْ لَيْلاً ضَمِنَ، إلَّا أَنْ لَا يُفَرِّطَ فِي رَبْطِهَا‏.‏

أَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا، وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحُوطٍ لَهُ باب تَرْكِهِ مَفْتُوحًا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا فِي الْأَصَحِّ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ عَيْنٍ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْكُفَّارِ حَالَانِ‏:‏ أَحَدُهُمَا يَكُونُونَ بِبِلَادِهِمْ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ فِي الدِّينِ‏.‏

وَ بِعُلُومِ الشَّرْعِ كَتَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ، وَالْفُرُوعِ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ‏.‏

وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ‏.‏

وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ‏.‏

وَدَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ كَكِسْوَةِ عَارٍ، وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِزَكَاةٍ، وَبَيْتِ مَالٍ‏.‏

وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ، وَأَدَاؤُهَا، وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ، وَمَا تَتِمُّ بِهِ الْمَعَايِشُ وَ جَوَابُ سَلَامٍ عَلَى جَمَاعَةٍ‏.‏

وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ‏.‏

لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ وَفِي حَمَّامٍ، وَلَا جَوَابَ عَلَيْهِمْ‏.‏

وَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَ امْرَأَةٍ وَمَرِيضٍ وَذِي عَرَجٍ بَيِّنٍ، وَأَقْطَعَ، وَأَشَلَّ، وَ عَبْدٍ وَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ، وَكُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ مَنَعَ الْجِهَادَ إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ، وَكَذَا مِنْ لُصُوصِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّحِيحِ‏.‏

وَالدَّيْنُ الْحَالُّ يُحَرِّمُ سَفَرَ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ، وَالْمُؤَجَّلُ لَا، وَقِيلَ يَمْنَعُ سَفَرًا مَخُوفًا‏.‏

وَيَحْرُمُ جِهَادٌ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ، لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ وَكَذَا كِفَايَةٍ فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ أَذِنَ أَبَوَاهُ وَالْغَرِيمُ ثُمَّ رَجَعُوا وَجَبَ الرُّجُوعُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ، فَإِنْ شَرَعَ فِي قِتَالٍ حَرُمَ الِانْصِرَافُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

الثَّانِي يَدْخُلُونَ بَلْدَةً لَنَا فَيَلْزَمُ أَهْلَهَا الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ وَجَبَ الْمُمْكِنُ حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَعَبْدٍ بِلَا إذْنٍ، وَقِيلَ‏:‏ إنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةٌ بِأَحْرَارٍ اُشْتُرِطَ إذْنُ سَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَمَنْ قُصِدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ قُتِلَ، وَإِنْ جَوَّزَ الْأَسْرَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ الْبَلْدَةِ كَأَهْلِهَا، وَمَنْ عَلَى الْمَسَافَةِ يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ‏.‏

قِيلَ‏:‏ وَإِنْ كَفَوْا‏.‏

وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوض إلَيْهِمْ لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في مكروهات ومحرمات ومندوبات في الجهاد وما يتبعها‏]‏

يُكْرَهُ غَزْوٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ‏.‏

وَيُسَنُّ إذْ بَعَثَ سَرِيَّةً أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذَ الْبَيْعَةَ بِالثَّبَاتِ‏.‏

وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِكُفَّارٍ تُؤْمَنُ خِيَانَتُهُمْ، وَيَكُونُونَ بِحَيْثُ لَوْ انْضَمَّتْ فِرْقَتَا الْكُفْرِ قَاوَمْنَاهُمْ‏.‏

وَ بِعَبِيدٍ بِإِذْنِ السَّادَةِ وَ مُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ‏.‏

وَلَهُ بَذْلُ الْأُهْبَةِ وَالسِّلَاحِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ مَالِهِ‏.‏

وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ‏.‏

وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ لِلْإِمَامِ‏.‏

قِيلَ‏:‏ وَلِغَيْرِهِ‏.‏

وَيُكْرَهُ لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيبٍ وَ مَحْرَمٍ أَشَدُّ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى مُشْكِلٍ‏.‏

وَيَحِلُّ قَتْلُ رَاهِبٍ وَأَجِيرٍ وَشَيْخٍ وَأَعْمَى وَزَمِنٍ لَا قِتَالَ فِيهِمْ وَلَا رَأْيٍ فِي الْأَظْهَرِ، فَيُسْتَرَقُّونَ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ‏.‏

وَيَجُوزُ حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقَ وَتَبْيِيتُهُمْ فِي غَفْلَةٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

وَلَوْ الْتَحَمَ حَرْبٌ فَتَتَرَّسُوا بِنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ جَازَ رَمْيُهُمْ، وَإِنْ دَفَعُوا بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ فَالْأَظْهَرُ تَرْكُهُمْ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ تَرَكْنَاهُمْ، وَإِلَّا جَازَ رَمْيُهُمْ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ عَنْ الصَّفِّ إذَا لَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْنَا إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا، وَيَجُوزُ إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا يُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إلَى بَعِيدَةٍ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ، وَيُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إلَى قَرِيبَةٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

فَإِنْ زَادَ عَلَى مِثْلَيْنِ جَازَ الِانْصِرَافُ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْصِرَافُ مِائَةِ بَطَلٍ عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ وَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ‏.‏

وَيَجُوزُ إتْلَافُ بِنَائِهِمْ وَشَجَرِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُرْجَ حُصُولُهَا لَنَا، فَإِنْ رُجِيَ نُدِبَ التَّرْكُ‏.‏

وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ إلَّا مَا يُقَاتِلُونَا عَلَيْهِ لِدَفْعِهِمْ أَوْ ظَفْرٍ بِهِمْ أَوْ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في حكم الأسر وأموال أهل الحرب‏]‏

نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا رَقُّوا، وَكَذَا الْعَبِيدُ‏.‏

وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ، وَيَفْعَلُ الْأَحَظَّ، لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى أَوْ مَالٍ وَاسْتِرْقَاقٍ، فَإِنْ خَفِيَ الْأَحَظُّ حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُسْتَرَقُّ وَثَنِيٌّ وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ‏.‏

وَ لَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ عَصَمَ دَمَهُ وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي، وَفِي قَوْلٍ يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ وَإِسْلَامُ كَافِرٍ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ، يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ وَصِغَارَ وَلَدِهِ لَا زَوْجَتَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ اسْتَرَقَّتْ انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا اُنْتُظِرَتْ الْعِدَّةَ فَلَعَلَّهَا تَعْتِقُ فِيهَا‏.‏

وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ، وَكَذَا عَتِيقُهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

لَا عَتِيقَ مُسْلِمٍ وَزَوْجَتُهُ الْحَرْبِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ إنْ كَانَا حُرَّيْنِ قِيلَ أَوْ رَقِيقَيْنِ‏.‏

وَإِذَا أُرِقَّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَسْقُطْ فَيُقْضَى مِنْ مَالِهِ إنْ غَنِمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ‏.‏

وَلَوْ اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ قَبِلَا جِزْيَةً دَامَ الْحَقُّ‏.‏

وَلَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ حَرْبِيٌّ فَأَسْلَمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَهْرًا غَنِيمَةٌ، وَكَذَا مَا أَخَذَهُ وَاحِدٌ أَوْ جَمْعٌ مِنْ دَارٍ الْحَرْبِ بِسَرِقَةٍ، أَوْ وُجِدَ كَهَيْئَةِ اللُّقَطَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ لِمُسْلِمٍ وَجَبَ تَعْرِيفُهُ‏.‏

وَلِلْغَانِمِينَ التَّبَسُّطُ فِي الْغَنِيمَةِ بِأَخْذِ الْقُوتِ وَمَا يَصْلُحُ بِهِ وَلَحْمٍ وَشَحْمٍ وَكُلِّ طَعَامٍ يُعْتَادُ أَكْلُهُ عُمُومًا، وَعَلَفُ الدَّوَابِّ تِبْنًا وَشَعِيرًا وَنَحْوَهُمَا، وَذَبْحُ مَأْكُولٍ لِلَحْمِهِ، وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الْفَاكِهَةِ، وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمَذْبُوحِ، وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمُحْتَاجِ إلَى طَعَامٍ وَعَلَفٍ‏.‏

وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ لَحِقَ الْجَيْشَ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ، وَأَنَّ مَنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَمَعَهُ بَقِيَّةٌ لَزِمَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَغْنَمِ‏.‏

وَمَوْضِعُ التَّبَسُّطِ دَارُهُمْ، وَكَذَا مَا لَمْ يَصِلْ عُمْرَانِ الْإِسْلَامِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلِغَانِمٍ رَشِيدٍ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسِ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ بَعْدَ فَرْزِ الْخُمُسِ وَجَوَازِهِ لِجَمِيعِهِمْ، وَبُطْلَانُهُ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَسَالِب‏.‏

وَالْمُعْرِضُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَمَنْ مَاتَ فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ، وَلَا تُمْلَكُ إلَّا بِقِسْمَةٍ‏.‏

وَلَهُمْ التَّمَلُّكُ، وَقِيلَ يَمْلِكُونَ، وَقِيلَ إنْ سَلِمَتْ إلَى الْقِسْمَةِ بَانَ مِلْكُهُمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْمَنْقُولِ‏.‏

وَلَوْ كَانَ فِيهَا كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ وَأَرَادَهُ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنَازَعْ أُعْطِيَهُ، وَإِلَّا قُسِّمَتْ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أُقْرِعَ‏.‏

وَالصَّحِيحُ أَنْ سَوَادَ الْعِرَاقِ فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِّمَ ثُمَّ بَذَلُوهُ وَوُقِفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَخَرَاجُهُ أُجْرَةٌ تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ‏.‏

وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ إلَى حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ طُولاً، وَمِنْ الْقَادِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ عَرْضًا قُلْتُ‏:‏ الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَصْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ غَرْبِيِّ دِجْلَتِهَا وَمَوْضِعِ شَرْقِيِّهَا‏.‏

وَأَنَّ مَا فِي السَّوَادِ مِنْ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا، فَدُورُهَا وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ مِلْكٌ يُبَاعُ‏.‏

فصل ‏[‏في أمان الكفار‏]‏

يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ أَمَانُ حَرْبِيٍّ وَعَدَدٍ مَحْصُورٍ فَقَطْ‏.‏

وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيَصِحُّ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ مَقْصُودُهُ، وَبِكِتَابَةٍ وَرِسَالَةٍ‏.‏

وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْكَافِرِ بِالْأَمَانِ‏.‏

فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَتَكْفِي إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لِلْقَبُولِ‏.‏

وَيَجِبُ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي قَوْلٍ يَجُوزُ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً‏.‏

وَلَا يَجُوزُ أَمَانٌ يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ كَجَاسُوسٍ‏.‏

وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَبْذُ الْأَمَانِ إنْ لَمْ يَخَفْ خِيَانَةً‏.‏

وَلَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ مَالُهُ وَأَهْلُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَكَذَا مَا مَعَه مِنْهُمَا فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِشَرْطٍ‏.‏

وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ الْحَرْبِ إنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ، وَإِلَّا وَجَبَتْ إنْ أَطَاقَهَا، وَلَوْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ لَزِمَهُ، وَلَوْ أَطْلَقُوهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ، أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ حَرُمَ، فَإِنْ تَبِعَهُ قَوْمٌ فَلْيَدْفَعْهُمْ وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ، أَوْ شَرَطُوا أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ لَمْ يَجُزْ الْوَفَاءُ‏.‏

وَلَوْ عَاقَدَ الْإِمَامُ عِلْجًا يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ وَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ جَازَ فَإِنْ فُتِحَتْ بِدَلَالَتِهِ أُعْطِيَهَا، أَوْ بِغَيْرِهَا فَلَا فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْجُعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ، أَوْ بَعْدَ الظَّفَرِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَجَبَ بَدَلٌ، أَوْ قَبْلَ ظَفَرٍ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلٍ، وَهُوَ أُجْرَةُ مِثْلٍ، وَقِيلَ قِيمَتُهَا‏.‏

كتاب الْجِزْيَةِ

صُورَةُ عَقْدِهَا‏:‏ أُقِرُّكُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ أَذِنْتُ فِي إقَامَتِكُمْ بِهَا عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا جِزْيَةً وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ قَدْرِهَا، لَا كَفِّ اللِّسَانِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِينِهِ‏.‏

وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مُؤَقَّتًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ قَبُولٍ، وَلَوْ وُجِدَ كَافِرٌ بِدَارِنَا فَقَالَ دَخَلْتُ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ رَسُولاً، أَوْ بِأَمَانِ مُسْلِمٍ صُدِّقَ، وَفِي دَعْوَى الْأَمَانِ وَجْهٌ‏.‏

وَيُشْتَرَطُ لِعِقْدِهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ إذَا طَلَبُوا‏.‏

إلَّا جَاسُوسًا نَخَافُهُ‏.‏

وَلَا تُعْقَدُ إلَّا لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَأَوْلَادِ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ شَكَكْنَا فِي وَقْتِهِ وَكَذَا زَاعِمُ التَّمَسُّكِ بِصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورِ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

وَلَا جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ وَخُنْثَى، وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، فَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ قَلِيلاً كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ لَزِمَتْهُ، أَوْ كَثِيرًا كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ فَالْأَصَحُّ تُلَفَّقُ الْإِفَاقَةُ، فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ، وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ وَلَمْ يَبْذُلْ جِزْيَةً أُلْحِقَ بِمَنَامِهِ، وَإِنْ بَذْلَهَا عُقِدَ لَهُ، وَقِيلَ عَلَيْهِ كَجِزْيَةِ أَبِيهِ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا عَلَى زَمِنٍ وَشَيْخٍ هَرِمٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ وَأَجِيرٍ وَفَقِيرٍ كَسْبٍ فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُوسِرَ‏.‏

وَيُمْنَعُ كُلُّ كَافِرٍ مِنْ اسْتِيطَانِ الْحِجَازِ، وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَقُرَاهَا، وَقِيلَ لَهُ الْإِقَامَةُ فِي طُرُقِهِ الْمُمْتَدَّةِ، وَلَوْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَخْرَجَهُ وَعَزَّرَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ، مِنْهُ فَإِنْ اسْتَأْذَنَ أَذِنَ إنْ كَانَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَرِسَالَةٍ وَحَمْلِ مَا نَحْتَاجُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا‏.‏

وَلَا يُقِيمُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ‏.‏

وَيُمْنَعُ دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ، فَإِنْ كَانَ رَسُولاً خَرَجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبٌ يَسْمَعُهُ‏.‏

وَإِنْ مَرِضَ فِيهِ نُقِلَ، وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُدْفَنْ فِيهِ، فَإِنْ دُفِنَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ، وَإِنْ مَرِضَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْحِجَازِ وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ فِي نَقْلِهِ تُرِكَ وَإِلَّا نُقِلَ، فَإِنْ مَاتَ وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ دُفِنَ هُنَاكَ‏.‏

فصل ‏[‏في مقدار الجزية‏]‏

أقل الجزية دينار لكل سنة، وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ مُمَاكَسَةٌ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ مُتَوَسِّطٍ دِينَارَيْنِ وَغَنِيٍّ أَرْبَعَةً‏.‏

وَلَوْ عُقِدَتْ بِأَكْثَرَ ثُمَّ عَلِمُوا جَوَازَ دِينَارٍ لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ، فَإِنْ أَبَوْا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ نَاقِضُونَ‏.‏

وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا، وَيُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ آدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ، وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ‏.‏

وَتُؤْخَذُ بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الْآخِذُ وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي الْمِيزَانِ، وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ، وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ، وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَقِيلَ وَاجِبٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ بِالْأَدَاءِ وَ حَوَالَةٌ عَلَيْهِ وَأَنْ يَضْمَنَهَا قُلْتُ‏:‏ هَذِهِ الْهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَشَدُّ خَطَأً‏.‏

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ، وَقِيلَ يَجُوزُ مِنْهَا، وَتُجْعَلُ عَلَى غَنِيٍّ وَمُتَوَسِّطٍ، لَا فَقِيرٍ فِي الْأَصَحّ، وَيَذْكُرُ عَدَدَ الضِّيفَانِ رِجَالاً وَفُرْسَانًا، وَجِنْسُ الطَّعَامِ وَالْأُدْمِ وَقَدْرُهُمَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا، وَعَلَفَ الدَّوَابِّ، وَمَنْزِلَ الضِّيفَانِ مِنْ كَنِيسَةٍ وَفَاضِلِ مَسْكَنٍ وَمُقَامَهُمْ، وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ‏.‏

وَلَوْ قَالَ قَوْمٌ نُؤَدِّي الْجِزْيَةَ بِاسْمِ صَدَقَةٍ لَا جِزْيَةٍ فَلِلْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ إذَا رَأَى‏.‏

وَيُضَعِّفُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ فَمِنْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ شَاتَانِ، وَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِنْتَا مَخَاضٍ، وَ عِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ، وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشَرَةٌ وَخُمُسُ الْمُعَشَّرَاتِ، وَلَوْ وَجَبَ بِنْتَا مَخَاضٍ مَعَ جُبْرَانٍ لَمْ يُضَعِّفْ الْجُبْرَانَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَ بَعْضَ نِصَابٍ لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ فِي الْأَظْهَرِ، ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ، فَلَا فَصْل يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ‏.‏

فصل ‏[‏في أحكام عقد الجزية‏]‏

يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا وَمَالاً وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ وَقِيلَ إنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ‏.‏

وَنَمْنَعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، وَمَا فُتِحَ عَنْوَةَ لَا يُحْدِثُونَهَا فِيهِ، وَلَا يُقَرُّونَ عَلَى كَنِيسَةٍ كَانَتْ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ صُلْحًا بِشَرْطِ الْأَرْضِ لَنَا، وَشَرْطِ إسْكَانِهِمْ، وَإِبْقَاءِ الْكَنَائِسِ جَازَ، وَإِنْ أُطْلِقَ فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ، أَوْ لَهُمْ قُرِّرَتْ، وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا، وَقِيلَ نَدْبًا مِنْ رَفْعِ بِنَاءٍ عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ، وَأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ لَمْ يُمْنَعُوا‏.‏

وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ رُكُوبَ خَيْلٍ لَا حَمِيرٍ، وَبِغَالٍ نَفِيسَةٍ، وَيَرْكَبُ بِإِكَافٍ وَرِكَابِ خَشَبٍ لَا حَدِيدٍ، وَلَا سَرْجٍ، وَيُلْجَأُ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ‏.‏

وَلَا يُوَقَّرُونَ، وَلَا يُصَدَّرُونَ فِي مَجْلِسٍ‏.‏

وَيُؤْمَرُ بِالْغِيَارِ وَالزُّنَّارِ فَوْقَ الثِّيَابِ‏.‏

وَإِذَا دَخَلَ حَمَّامًا فِيهِ مُسْلِمُونَ أَوْ تَجَرَّدَ عَنْ ثِيَابِهِ جَعَلَ فِي عُنُقِهِ خَاتَمَ حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ وَنَحْوُهُ‏.‏

وَيُمْنَعُ مِنْ إسْمَاعِهِ الْمُسْلِمِينَ شِرْكًا، وَقَوْلَهُمْ فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ، وَمِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ وَعِيدٍ‏.‏

وَلَوْ شُرِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ فَخَالَفُوا لَمْ يُنْتَقَضْ الْعَهْدُ‏.‏

وَلَوْ قَاتَلُونَا أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ انْتَقَضَ‏.‏

وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ، أَوْ دَلَّ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ، أَوْ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ، أَوْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوءٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِهَا اُنْتُقِضَ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ جَازَ دَفْعُهُ، وَقَتْلُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ إبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الْأَظْهَرِ، بَلْ يَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ قَتْلاً وَرِقًّا وَمَنًّا وَفِدَاءً، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ امْتَنَعَ الرِّقُّ‏.‏

وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ وَالصَّبِيَّانِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلَغَ الْمَأْمَنَ‏.‏

كتاب الهدنة

عَقْدُهَا لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِيهَا، وَلِبَلْدَةٍ يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ أَيْضًا‏.‏

وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ أَوْ رَجَاءِ إسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا سَنَةً، وَكَذَا دُونَهَا فِي الْأَظْهَرِ، وَلِضَعْفٍ تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ فَقَطْ، وَمَتَى زَادَ عَلَى الْجَائِزِ فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَإِطْلَاقُ الْعَهْدِ يُفْسِدُهُ وَكَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ شَرَطَ مَنْعَ فَكِّ أَسْرَانَا، أَوْ تَرْكَ مَالِنَا لَهُمْ، أَوْ لِتُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ بِدُونِ دِينَارٍ، أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ‏.‏

وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ‏.‏

وَمَتَى صَحَّتْ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيحٍ أَوْ قِتَالِنَا، أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا، أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ، وَإِذَا انْتَقَضَتْ جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ، وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ انْتَقَضَ فِيهِمْ أَيْضًا، وَإِنْ أَنْكَرُوا بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ فَلَا، وَلَوْ خَافَ خِيَانَتَهُمْ فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ وَيُبْلِغُهُمْ الْمَأْمَنَ، وَلَا يُنْبَذُ عَقْدُ الذِّمَّةِ بِتُهَمَةٍ‏.‏

وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ، فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ لَمْ يَجِبْ دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَكَذَا عَبْدٌ وَحُرٌّ لَا عَشِيرَةَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

وَيُرَدُّ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ إلَيْهَا لَا إلَى غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطَّالِبِ وَالْهَرَبِ مِنْهُ، وَمَعْنَى الرَّدِّ‏:‏ أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرُّجُوعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ، وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لَا التَّصْرِيحُ‏.‏

وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا‏:‏ لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ فَإِنْ أَبَوْا فَقَدْ نَقَضُوا، وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّوا‏.‏

كتاب الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

ذَكَاةُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ بِذَبْحِهِ فِي حَلْقٍ أَوْ لَبَّةٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَبِعَقْرٍ مُزْهِقٍ حَيْثُ كَانَ‏.‏

وَشَرْطُ ذَابِحٍ وَصَائِدٍ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ، وَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ، وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ حَرُمَ، وَلَوْ أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَ أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ، وَلَوْ انْعَكَسَ أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا أَوْ جُهِلَ أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يُذَفِّفْ أَحَدُهُمَا حَرُمَ‏.‏

وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ، وَكَذَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ فِي الْأَظْهَرِ وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى، وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ وَكَلْبٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، وَلَوْ صَادَهُمَا مَجُوسِيٌّ‏.‏

وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ كَخَلٍّ وَفَاكِهَةٍ إذَا أُكِلَ مَعَهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا يَقْطَعُ بَعْضَ سَمَكَةٍ حَيَّة، فَإِنْ فَعَلَ أَوْ بَلِعَ سَمَكَةً حَيَّةً حَلَّ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَإِذَا رَمَى صَيْدًا مُتَوَحِّشًا، أَوْ بَعِيرًا نَدَّ، أَوْ شَاةً شَرَدَتْ بِسَهْمٍ، أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ حَلَّ‏.‏

وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ فَكَنَادٍّ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ‏.‏

وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمَتَى تَيَسَّرَ لُحُوقُهُ بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ فَمَقْدُورٌ عَلَيْهِ، وَيَكْفِي فِي النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي جُرْحٌ يُفْضِي إلَى الزُّهُوقِ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُذَفِّفٌ‏.‏

وَإِذَا أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا أَوْ طَائِرًا عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ أَدْرَكَهَا وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ بِأَنْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ أَوْ امْتَنَعَ بِقُوَّتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ حَلَّ، وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونُ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَتْ أَوْ نَشِبَتْ فِي الْغِمْدِ حَرُمَ‏.‏

وَلَوْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ حَلَّا، وَلَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ حَلَّ الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ، أَوْ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ ثُمَّ ذَبَحَهُ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ مُذَفِّفًا حُرِّمَ الْعُضْوُ وَحَلَّ الْبَاقِي، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ حَلَّ الْجَمِيعُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ الْعُضْوُ‏.‏

وَذَكَاةُ كُلِّ حَيَوَانٍ قُدِرَ عَلَيْهِ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ؛ وَهُوَ مَخْرَجُ النَّفَسِ وَالْمَرِيءِ وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَيُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ، وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ، وَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ عَصَى، فَإِنْ أَسْرَعَ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَكَذَا إدْخَالُ سِكِّينٍ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ، وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ، وَأَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ قَائِمًا مَعْقُولَ الرُّكْبَةِ، وَالْبَقَرَةُ وَالشَّاةُ مُضْجَعَةً لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ، وَيُتْرَكُ رِجْلُهَا الْيُمْنَى، وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ‏.‏

وَأَنْ يُحِدَّ شَفْرَتَهُ، وَيُوَجِّهَ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ‏.‏

وَأَنْ يَقُولَ‏:‏ بِسْمِ اللَّهِ، وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَقُلْ‏:‏ بِسْمِ اللَّهِ، وَاسْمِ مُحَمَّدٍ‏.‏

فصل ‏[‏في آلة الذبح والصيد‏]‏

يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجَرْحُ غَيْرِهِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ يَجْرَحُ؛ كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَذَهَبٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ وَزُجَاجٍ إلَّا ظُفْرًا وَسِنًّا وَسَائِرَ الْعِظَامِ‏.‏

فَلَوْ قَتَلَهُ بِمُثَقَّلٍ أَوْ ثِقَلِ مُحَدَّدٍ كَبُنْدُقَةٍ وَسَوْطٍ وَسَهْمٍ بِلَا نَصْلٍ وَلَا حَدٍّ أَوْ سَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوْ جَرَحَهُ نَصْلٌ وَأَثَّرَ فِيهِ عُرْضُ السَّهْمِ فِي مُرُورِهِ وَمَاتَ بِهِمَا، أَوْ انْخَنَقَ بِأُحْبُولَةٍ، أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ بِأَرْضٍ أَوْ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ حَرُمَ، وَلَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ بِالْهَوَاءِ فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ حَلَّ‏.‏

وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِأَنْ تَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهَا وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالِهِ، وَيُمْسِكَ الصَّيْدَ وَلَا يَأْكُلَ مِنْهُ‏.‏

وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يَظُنُّ تَأَدُّبَ الْجَارِحَة، وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ، وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ، وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجِسٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَأَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ‏.‏

وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ وَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ شَاةٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا أَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ لَمْ يَحِلَّ، وَكَذَا لَوْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ فَأَغْرَاهُ صَاحِبُهُ فَزَادَ عَدْوُهُ لَمْ يَحِلَّ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ حَلَّ وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ إلَى غَرَضٍ فَاعْتَرَضَهُ صَيْدٌ فَقَتَلَهُ حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ سِرْبَ ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَلَّتْ، وَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً فَأَصَابَ غَيْرَهَا حَلَّتْ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ غَابَ عَنْهُ الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ، وَإِنْ جَرَحَهُ وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

فصل ‏[‏فيما يملك به الصيد وما يذكر معه‏]‏

يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِضَبْطِهِ بِيَدِهِ وَبِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ، وَبِإِزْمَانٍ وَكَسْرِ جَنَاحٍ، وَبِوُقُوعِهِ فِي شَبَكَةٍ نَصَبَهَا، وَبِإِلْجَائِهِ إلَى مَضِيقٍ لَا يُفْلِتُ مِنْهُ‏.‏

وَلَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي مِلْكِهِ وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِتَوَحُّلٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَمَتَى مَلَكَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِانْفِلَاتِهِ، وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ تَحَوَّلَ حَمَامُهُ إلَى بُرْجِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ، فَإِنْ اخْتَلَطَ وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا، وَهِبَتُهُ شَيْئًا مِنْهُ لِثَالِثٍ، وَيَجُوزُ لِصَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ بَاعَاهُمَا وَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلثَّانِي، وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلُ فَلَهُ، وَإِنْ أَزْمَنَ فَلَهُ، ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ، وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ، وَإِنْ ذَفَّفَ لَا بِقَطْعِهِمَا أَوْ لَمْ يُذَفِّفْ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ، وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ جَرَحَا مَعًا وَذَفَّفَا أَوْ أَزْمَنَا فَلَهُمَا، وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ، وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ وَأَزْمَنَ آخَرُ وَجُهِلَ السَّابِقُ حَرُمَ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

كتاب الْأُضْحِيَّةِ

هِيَ سُنَّةٌ لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ‏.‏

وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفْرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ‏.‏

وَأَنْ يَذْبَحَهَا بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا فَلْيَشْهَدْهَا‏.‏

وَلَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ‏.‏

وَشَرْطُ إبِلٍ أَنْ يَطْعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، وَبَقَرٍ وَمَعْزٍ فِي الثَّالِثَةِ، وَضَأْنٍ فِي الثَّانِيَةِ‏.‏

وَيَجُوزُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى‏.‏

وَخَصِيٌّ‏.‏

وَالْبَعِيرُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ‏.‏

وَالشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ‏.‏

وَأَفْضَلُهَا بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ ضَأْنٌ ثُمَّ مَعْزٌ، وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ، وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارَكَةٍ فِي بَعِيرٍ‏.‏

وَشَرْطُهَا سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يَنْقُصُ لَحْمًا فَلَا تُجْزِي عَجْفَاءُ، وَمَجْنُونَةٌ، وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ، وَذَاتُ عَرَجٍ وَعَوَرٍ وَمَرَضٍ وَجَرَبٍ بَيِّنٍ، وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُهَا وَلَا فَقْدُ قَرْنٍ وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ وَثَقْبُهَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ يَضُرُّ يَسِيرُ الْجَرَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ مَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَيَبْقَى حَتَّى تَغْرُبَ آخِرَ التَّشْرِيقِ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ، وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا ثُمَّ مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَمَنْ نَذَرَ مُعَيَّنَةً فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ‏.‏

فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ‏.‏

وَإِنْ أَتْلَفَهَا لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا مِثْلَهَا وَيَذْبَحَهَا فِيهِ‏.‏

وَإِنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَيَّنَ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فِيهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيُشْتَرَطُ النِّيَّةُ عِنْدَ الذَّبْحِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ، وَكَذَا إنْ قَالَ‏:‏ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ أَوْ ذَبْحِهِ‏.‏

وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ، وَإِطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ، لَا تَمْلِيكُهُمْ، وَيَأْكُلُ ثُلُثًا، وَفِي قَوْلٍ نِصْفًا، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِبَعْضِهَا، وَالْأَفْضَلُ بِكُلِّهَا إلَّا لُقَمًا يَتَبَرَّكُ بِأَكْلِهَا‏.‏

وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ يُذْبَحُ، وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ وَشُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا‏.‏

وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ، فَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ وَقَعَتْ لَهُ‏.‏

وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ‏.‏

وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ‏.‏

وَلَا عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا‏.‏

فصل ‏[‏في العقيقة‏]‏

يُسَنُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ غُلَامٍ بِشَاتَيْنِ وَجَارِيَةٍ بِشَاةٍ‏.‏

وَسِنُّهَا وَسَلَامَتُهَا، وَالْأَكْلُ وَالتَّصَدُّقُ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَيُسَنُّ طَبْخُهَا، وَلَا يُكْسَرُ عَظْمٌ‏.‏

وَأَنْ تُذْبَحَ يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهِ وَيُسَمَّى فِيهِ‏.‏

وَيُحْلَقَ رَأْسُهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا، وَيُتَصَدَّقَ بِزِنَتِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً‏.‏

وَيُؤَذَّنَ فِي أُذُنِهِ حِينَ يُولَدُ، وَيُحَنَّكَ بِتَمْرٍ‏.‏

كتاب الْأَطْعِمَةِ

حَيَوَانُ الْبَحْرِ السَّمَكُ مِنْهُ حَلَالٌ كَيْفَ مَاتَ، وَكَذَا غَيْرُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ إنْ أُكِلَ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا‏:‏ كَكَلْبٍ وَحِمَارٍ وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ‏:‏ كَضِفْدَعٍ وَسَرَطَانٍ وَحَيَّةٍ حَرَامٌ‏.‏

وَحَيَوَانُ الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْهُ الْأَنْعَامُ وَالْخَيْلُ، وَبَقَرُ وَحْشٍ وَحِمَارُهُ، وَظَبْيٌ وَضَبُعٌ وَضَبٌّ وَأَرْنَبٌ وَثَعْلَبٌ وَيَرْبُوعٌ وَفَنَكٌ وَسَمُّورٌ، وَيَحْرُمُ بَغْلٌ وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَدُبٍّ وَفِيلٍ وَقِرْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينِ وَصَقْرٍ وَنَسْرٍ وَعُقَابٍ وَكَذَا ابْنُ آوَى وَهِرَّةُ وَحْشٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَغُرَابٍ أَبْقَعَ وَحِدَأَةٍ وَفَأْرَةٍ وَكُلِّ سَبُعٍ ضَارٍ، وَكَذَا رَخَمَةٌ وَبُغَاثَةٌ، وَالْأَصَحُّ حِلُّ غُرَابِ زَرْعٍ وَتَحْرِيمُ بَبَّغَاء وَطَاوُوسٍ، وَتَحِلُّ نَعَامَةٌ وَكَرْكِيٌّ وَبَطٌّ وَإِوَزٌّ وَدَجَاجٌ وَحَمَامٌ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ وَمَا عَلَى شَكْلِ عُصْفُورٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ لَوْنُهُ وَنَوْعُهُ كَعَنْدَلِيبِ وَصَعْوَةٍ وَزُرْزُورٍ، لَا خُطَّافٌ، وَنَمْلٌ وَنَحْلٌ وَذُبَابٌ وَ حَشَرَاتٌ كَخُنْفُسَاءَ وَدُودٍ‏.‏

وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ إنْ اسْتَطَابَهُ أَهْلُ يَسَارٍ، وَ طِبَاعٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعَرَبِ فِي حَالِ رَفَاهِيَةٍ حَلَّ، وَإِنْ اسْتَخْبَثُوهُ فَلَا، وَإِنْ جُهِلَ اسْمُ حَيَوَانٍ سُئِلُوا وَعُمِلَ بِتَسْمِيَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ عِنْدَهُمْ اُعْتُبِرَ بِالْأَشْبَهِ‏.‏

وَإِذَا ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ جَلَّالَةٍ حَرُمَ أَكْلُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَصَحُّ يُكْرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا فَطَابَ حَلَّ‏.‏

وَلَوْ تَنَجَّسَ طَاهِرٌ كَخَلٍّ وَدِبْسٍ ذَائِبٍ حَرُمَ‏.‏

وَمَا كُسِبَ بِمُخَامَرَةِ نَجِسٍ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ مَكْرُوهٌ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ‏.‏

وَيَحِلُّ جَنِينٌ وُجِدَ مَيِّتًا فِي بَطْنِ مُذَكَّاةٍ‏.‏

وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا وَوَجَدَ مُحَرَّمًا لَزِمَهُ أَكْلُهُ‏.‏

وَقِيلَ يَجُوزُ‏.‏

فَإِنْ تَوَقَّعَ حَلَالاً قَرِيبًا لَمْ يَجُزْ غَيْرُ سَدِّ الرَّمَقِ، وَإِلَّا فَفِي قَوْلٍ يَشْبَعُ، وَالْأَظْهَرُ سَدُّ الرَّمَقِ إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفًا إنْ اقْتَصَرَ‏.‏

وَلَهُ أَكْلُ آدَمِيٍّ وَقَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ، لَا ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيٍّ‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيَّيْنِ لِلْأَكْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ أَكَلَ وَغَرِمَ، أَوْ حَاضِرٍ مُضْطَرٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ‏.‏

فَإِنْ آثَرَ مُسْلِمًا جَازَ، أَوْ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لَزِمَهُ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهُ قَهْرُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ‏.‏

وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إنْ حَضَرَ، وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ، فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَالْأَصَحُّ لَا عِوَضَ‏.‏

وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً وَطَعَامَ غَيْرِهِ، أَوْ مُحْرِمٌ مَيْتَةً وَصَيْدًا فَالْمَذْهَبُ أَكْلُهَا‏.‏

وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ قَطْعِ بَعْضِهِ لِأَكْلِهِ‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَصَحُّ جَوَازُهُ، وَشَرْطُهُ فَقْدُ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا، وَأَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهِ أَقَلَّ، وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ لِغَيْرِهِ وَمِنْ مَعْصُومٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

كتاب الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

هُمَا سُنَّةٌ وَيَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِمَا‏.‏

وَتَصِحُّ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى سِهَامٍ، وَكَذَا مَزَارِيقَ وَرِمَاحٍ وَرَمْيٍ بِأَحْجَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ، وَكُلِّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

لَا عَلَى كُرَةِ صَوْلَجَانٍ وَبُنْدُقٍ وَسِبَاحَةٍ وَشِطْرَنْجٍ وَخَاتَمٍ، وَوُقُوفٍ عَلَى رِجْلٍ، وَمَعْرِفَةِ مَا فِي يَدِهِ، وَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَى خَيْلٍ، وَكَذَا فِيلٌ وَبَغْلٌ وَحِمَارٌ فِي الْأَظْهَرِ، لَا طَيْرٌ وَصِرَاعٌ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَقْدَهُمَا، لَازِمٌ لَا جَائِزٌ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ، وَلَا تَرْكُ الْعَمَلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَبَعْدَهُ، وَلَا زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ فِيهِ، وَلَا فِي مَالٍ‏.‏

وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ عِلْمُ الْمَوْقِفِ وَالْغَايَةِ، وَتَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا، وَتَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ وَيَتَعَيَّنَانِ، وَإِمْكَانُ سَبْقِ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَشْرُوطِ‏.‏

وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ‏:‏ مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا‏.‏

وَمِنْ أَحَدِهِمَا فَيَقُولُ إنْ سَبَقَتْنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا أَوْ سَبَقْتُك فَلَا شَيْءَ عَلَيْك فَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ فَرَسُهُ كُفْءٌ لِفَرَسَيْهِمَا، فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ، وَإِنْ جَاءَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَمَالُ هَذَا لِنَفْسِهِ، وَمَالُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَلِلَّذِي مَعَهُ، وَقِيلَ لِلْمُحَلِّلِ فَقَطْ، وَإِنْ جَاءَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الْمُحَلِّلُ ثُمَّ الْآخَرُ فَمَالُ الْآخَرِ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَإِنْ تَسَابَقَ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا، وَشُرِطَ لِلثَّانِي مِثْلُ الْأَوَّلِ فَسَدَ، وَدُونُهُ يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَسَبْقُ إبِلٍ بِكَتِفٍ، وَخَيْلٍ بِعُنُقٍ، وَقِيلَ بِالْقَوَائِمِ فِيهِمَا‏.‏

وَيُشْتَرَطُ لِلْمُنَاضَلَةِ بَيَانُ أَنَّ الرَّمْيَ مُبَادَرَةٌ وَهِيَ أَنْ يَبْدُرَ أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةِ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ، أَوْ مُحَاطَّةٌ، وَهِيَ أَنْ تُقَابَلَ إصَابَاتُهُمَا، وَيُطْرَحَ الْمُشْتَرَكُ فَمَنْ زَادَ بِعَدَدِ كَذَا فَنَاضِلٌ، وَبَيَانُ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ، وَمَسَافَةِ الرَّمْيِ، وَقَدْرِ الْغَرَضِ طُولاً وَعَرْضًا إلَّا أَنْ يَعْقِدَ بِمَوْضِعٍ فِيهِ غَرَضٌ مَعْلُومٌ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ، وَلْيُبَيِّنَا صِفَةَ الرَّمْيِ مِنْ قَرْعٍ، وَهُوَ إصَابَةُ الشَّنِّ بِلَا خَدْشٍ، أَوْ خَزْقٍ وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَهُ وَلَا يَثْبُتَ فِيهِ، أَوْ خَسْقٍ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ، أَوْ مَرْقٍ، وَهُوَ أَنْ يَنْفُذَ، فَإِنْ أَطْلَقَا اقْتَضَى الْقَرْعَ، وَيَجُوزُ عِوَضُ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ حَيْثُ يَجُوزُ عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ وَبِشَرْطِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قَوْسٍ وَسَهْم، فَإِنْ عُيِّنَ لَغَا، وَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ شُرِطَ مَنْعُ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ بَيَانِ الْبَادِئِ بِالرَّمْيِ‏.‏

وَلَوْ حَضَرَ جَمْعٌ لِلْمُنَاضَلَةِ فَانْتَصَبَ زَعِيمَانِ يَخْتَارَانِ أَصْحَابًا جَازَ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَعْيِينِهِمَا بِقُرْعَةٍ، فَإِنْ اخْتَارَ غَرِيبًا ظَنَّهُ رَامِيًا فَبَانَ خِلَافُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَسَقَطَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ وَاحِدٌ، وَفِي بُطْلَانِ الْبَاقِي قَوْلَا الصَّفْقَةِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا فَلَهُمْ جَمِيعًا الْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يَسْقُطُ بَدَلُهُ فَسَدَ الْعَقْدُ‏.‏

وَإِذَا نَضَلَ حِزْبٌ قُسِمَ الْمَالُ بِحَسَبِ الْإِصَابَةِ، وَقِيلَ بِالسَّوِيَّةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ أَنْ تَحْصُلَ بِالنَّضْلِ، فَلَوْ تَلِفَ وَتَرٌ أَوْ قَوْسٌ أَوْ عَرَضَ شَيْءٌ انْصَدَمَ بِهِ السَّهْمُ وَأَصَابَ بِهِ حُسِبَ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ‏.‏

وَلَوْ شُرِطَ خَسْقٌ فَثَقَبَ وَثَبَتَ ثُمَّ سَقَطَ، أَوْ لَقِيَ صَلَابَةً فَسَقَطَ حُسِبَ لَهُ‏.‏

كتاب الَأيْمَانِ

لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ لَهُ كَقَوْلِهِ‏:‏ وَاَللَّهِ، وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ، وَكُلِّ اسْمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى‏.‏

وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ‏:‏ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ‏.‏

وَمَا انْصَرَفَ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالرَّحِيمِ، وَالْخَالِقِ، وَالرَّازِقِ، وَالرَّبِّ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ غَيْرَهُ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ‏:‏ كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةِ، وَالصِّفَةُ كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ وَعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ يَمِينٌ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْعِلْمِ الْمَعْلُومَ، وَبِالْقُدْرَةِ الْمَقْدُورَ‏.‏

وَلَوْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ فَيَمِينٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْعِبَادَاتِ‏.‏

وَحُرُوفُ الْقَسَمِ بَاءٌ وَوَاوٌ وَتَاءٌ‏:‏ كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ، وَتَخْتَصُّ التَّاءُ بِاَللَّهِ تَعَالَى‏.‏

وَلَوْ قَالَ أَللَّهُ وَرَفَعَ أَوْ نَصَبَ أَوْ جَرَّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ‏.‏

وَلَوْ قَالَ أَقْسَمْت أَوْ أُقْسِمُ، أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ فَيَمِينٌ إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ خَبَرًا مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلاً صُدِّقَ بَاطِنًا وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ فَيَمِينٌ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ‏.‏

وَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِهَا بِلَا قَصْدٍ، لَمْ تَنْعَقِدْ‏.‏

وَتَصِحُّ عَلَى مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ‏.‏

وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ إلَّا فِي طَاعَةٍ‏.‏

فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ عَصَى وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ، وَكَفَّارَةٌ أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ، أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ‏.‏

أَوْ تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ فِعْلِهِ فَالْأَفْضَلُ تَرْكُ الْحِنْثِ، وَقِيلَ الْحِنْثُ‏.‏

وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزٍ قِيلَ‏:‏ وَحَرَامٍ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ هَذَا أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَى الْعَوْدِ‏.‏

وَقَتْلٍ عَلَى الْمَوْتِ‏.‏

وَمَنْذُورٍ مَالِيٍّ‏.‏

فصل ‏[‏في صفة الكفارة‏]‏

يَتَخَيَّرُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَيْنَ عِتْقٍ كَالظِّهَارِ، وَإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ حَبٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ، وَكِسْوَتِهِمْ بِمَا يُسَمَّى كِسْوَةً كَقَمِيصٍ أَوْ عِمَامَةٍ أَوْ إزَارٍ لَا خُفٍّ وَقُفَّازَيْنِ وَمِنْطَقَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ صَلَاحِيَّتُهُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ سَرَاوِيلُ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ لَا يَصْلُحُ لَهُ، وَقُطْنٌ، وَكَتَّانٌ وَحَرِيرٌ لِامْرَأَةٍ، وَرَجُلٍ وَلَبِيسٍ لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏.‏

وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُهَا فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ غَابَ مَالُهُ انْتَظَرَهُ وَلَمْ يَصُمْ، وَلَا يُكَفِّرُ عَبْدٌ بِمَالٍ إلَّا إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً، وَقُلْنَا يَمْلِكُ، بَلْ يُكَفِّرُ بِصَوْمٍ وَإِنْ ضَرَّهُ وَكَانَ حَلَفَ وَحَنِثَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَامَ بِلَا إذْنٍ، أَوْ وُجِدَا بِلَا إذْنٍ لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ، وَإِنْ أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْحَلِفِ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ يُكَفِّرُ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ لَا عِتْقٍ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما‏]‏

حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا فَلْيَخْرُجْ فِي الْحَالِ‏.‏

فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ، وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ‏:‏ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ لَمْ يَحْنَثْ‏.‏

وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ فَلَا حِنْثَ بِهَذَا، أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ حَنِثَ‏.‏

قُلْت‏:‏ تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ، وَالتَّطَهُّرِ غَلَطٌ لِذُهُولٍ، وَاسْتِدَامَةُ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا وَطْءٌ وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيزٍ دَاخِلَ الْبَابِ، أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ لَا بِدُخُولِ طَاقٍ قُدَّامَ الْبَابِ، وَلَا بِصُعُودِ سَطْحٍ غَيْرِ مُحَوَّطٍ وَكَذَا مُحَوَّطٌ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ رِجْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ وَضَعَ رِجْلَيْهِ فِيهَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا حَنِثَ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ فَدَخَلَ وَقَدْ بَقِيَ أَسَاسُ الْحِيطَانِ حَنِثَ، وَإِنْ صَارَتْ فَضَاءً أَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا فَلَا‏.‏

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بِمِلْكٍ، لَا بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَغَصْبٍ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ، وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْكُنُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ‏.‏

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَبَاعَهُمَا أَوْ طَلَّقَهَا فَدَخَلَ وَكَلَّمَ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَقُولَ دَارِهِ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتَهُ هَذِهِ أَوْ عَبْدَهُ هَذَا فَيَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا دَامَ مِلْكُهُ‏.‏

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا مِنْ ذَا الْبَابِ فَنُزِعَ وَنُصِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي، وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا حَنِثَ بِكُلِّ بَيْتٍ مِنْ طِينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ أَوْ خَيْمَةٍ وَلَا يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ‏.‏

أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ حَنِثَ، وَفِي قَوْلٍ إنْ نَوَى الدُّخُولَ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ لَمْ يَحْنَثْ، فَلَوْ جَهِلَ حُضُورَهُ فَخِلَافُ حِنْثِ النَّاسِي‏.‏

قُلْت‏:‏ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَطْلَقَ حَنِثَ فِي الْأَظْهَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في الحلف على أكل وشرب مع بيان ما يتناوله‏]‏

حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حَنِثَ بِرُءُوسٍ تُبَاعُ وَحْدَهَا، لَا طَيْرٍ وَحُوتٍ وَصَيْدٍ إلَّا بِبَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً، وَالْبَيْضُ يُحْمَلُ عَلَى مُزَايِلٍ بَائِضَهُ فِي الْحَيَاةِ كَدَجَاجٍ وَنَعَامَةٍ وَحَمَامٍ لَا سَمَكٍ وَجَرَادٍ‏.‏

وَاللَّحْمُ عَلَى نَعَمٍ وَخَيْلٍ وَوَحْشٍ وَطَيْرٍ لَا سَمَكٍ وَشَحْمِ بَطْنٍ، وَكَذَا كَرِشٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ فِي الْأَصَحّ، وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُهُ لَحْمَ رَأْسٍ وَلِسَانٍ وَشَحْمِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ، وَأَنَّ شَحْمَ الظَّهَرِ لَا يَتَنَاوَلُهُ الشَّحْمُ، وَأَنَّ الْأَلْيَةَ وَالسَّنَامَ لَيْسَا شَحْمًا وَلَا لَحْمًا، وَالْأَلْيَةُ لَا تَتَنَاوَلُ سَنَامًا وَلَا يَتَنَاوَلُهَا، وَالدَّسَمُ يَتَنَاوَلُهُمَا، وَشَحْمَ ظَهْرٍ وَبَطْنٍ وَكُلَّ دُهْنٍ، وَلَحْمُ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُ جَامُوسًا‏.‏

وَلَوْ قَالَ مُشِيرًا إلَى حِنْطَةٍ لَا آكُلُ هَذِهِ حَنِثَ بِأَكْلِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا وَبِطَحْنِهَا وَخَبْزِهَا، وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ حَنِثَ بِهَا مَطْبُوخَةً وَنِيئَةً وَمَقْلِيَّةً لَا بِطَحِينِهَا وَسَوِيقِهَا وَعَجِينِهَا وَخُبْزِهَا، وَلَا يُتَنَاوَلُ رُطَبٌ تَمْرًا وَلَا بُسْرًا، وَلَا عِنَبٌ زَبِيبًا وَكَذَا الْعَكُوسُ‏.‏

وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَتَتَمَّرَ فَأَكَلَهُ، أَوْ لَا أُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيَّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا فَلَا حِنْثَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَالْخُبْزُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ خُبْزٍ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَأَرُزٍّ وَبَاقِلَّا وَذُرَةً وَحِمَّصٍ، فَلَوْ ثَرَدَهُ فَأَكَلَهُ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَسَفَّهُ أَوْ تَنَاوَلَهُ بِأُصْبُعٍ حَنِثَ، وَإِنْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ فَشَرِبَهُ فَلَا، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ‏.‏

أَوْ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا أَوْ مَائِعًا آخَرَ وَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ، أَوْ شَرِبَهُ فَلَا، أَوْ لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ‏.‏

أَوْ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ جَامِدًا أَوْ ذَائِبًا حَنِثَ، وَإِنْ شَرِبَ ذِئْبًا فَلَا، وَإِنْ أَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ حَنِثَ إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ ظَاهِرَةً‏.‏

وَيَدْخُلُ فِي فَاكِهَةٍ رُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ وَأُتْرُجٌّ وَرُطَبٌ وَيَابِسٌ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وَلَيْمُونٌ وَنَبْقٌ وَكَذَا بِطِّيخٌ وَلُبُّ فُسْتُقٍ وَ بُنْدُقٍ وَغَيْرُهُمَا فِي الْأَصَحِّ، لَا قِثَّاءٌ وَخِيَارٌ وَبَاذِنْجَانٌ وَجَزَرٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الثِّمَارِ يَابِسٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ أَطْلَقَ بِطِّيخٌ وَتَمْرٌ وَجَوْزٌ لَمْ يَدْخُلْ هِنْدِيٌّ‏.‏

وَالطَّعَامُ يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً وَأُدْمًا وَحَلْوَى‏.‏

وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ تَنَاوَلَ لَحْمَهَا دُونَ وَلَدٍ وَلَبَنٍ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ دُونَ وَرَقٍ وَطَرَفِ غُصْنٍ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ ليقاس بها غيرها‏]‏

حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ‏.‏

أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا‏.‏

أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ، أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ فِي الْغَدِ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ، وَقَبْلَهُ قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ، وَإِنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَكَمُكْرَهٍ‏.‏

أَوْ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَلْيَقْضِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ الشَّهْرِ فَإِنْ قَدِمَ أَوْ مَضَى بَعْدَ الْغُرُوبِ، قَدْرُ إمْكَانِهِ حَنِثَ، وَإِنْ شَرَعَ فِي الْكَيْلِ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَفْرُغْ لِكَثْرَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ‏.‏

أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ فَسَبَّحَ أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا فَلَا حِنْثَ‏.‏

أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا فِي الْجَدِيدِ‏.‏

وَلَوْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ‏.‏

أَوْ لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ نَوْعٍ، وَإِنْ قَلَّ حَتَّى ثَوْبِ بَدَنِهِ، وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَمَا وَصَّى بِهِ، وَدَيْنٍ حَالٍّ، وَكَذَا مُؤَجَّلٌ فِي الْأَصَحِّ، لَا مُكَاتَبٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ فَالْبِرُّ بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا، وَلَا يُشْتَرَطُ إيلَامٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ، وَعَضٌّ، وَخَنْقٌ، وَنَتْفُ شَعَرٍ ضَرْبًا، قِيلَ وَلَا لَطْمٌ وَوَكْزٌ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ، أَوْ تَرَاكَمَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ قُلْت‏:‏ وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبِرَّ بِهَذَا‏.‏

أَوْ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ، قُلْت‏:‏ الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ فَارَقَهُ أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ وَكَانَا مَاشِيَيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ احْتَالَ عَلَى غَرِيمٍ ثُمَّ فَارَقَهُ أَوْ أَفْلَسَ فَفَارَقَهُ لِيُوسِرَ حَنِثَ، وَإِنْ اسْتَوْفَى وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، لَكِنَّهُ أَرْدَأُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا حَنِثَ عَالِمٌ، وَفِي غَيْرِهِ الْقَوْلَانِ‏.‏

أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَأَى وَتَمَكَّنَ فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ، وَيُحْمَلُ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ، فَإِنْ عُزِلَ فَالْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي، أَوْ إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ، أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَرَآهُ ثُمَّ عُزِلَ فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فَتَرَكَهُ وَإِلَّا فَكَمُكْرَهٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بَرَّ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ

فَصْلٌ ‏[‏في الحلف على ألا يفعل كذا‏]‏

حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي فَعَقَدَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ حَنِثَ‏.‏

وَلَا يَحْنَثُ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ، أَوْ لَا يُزَوِّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يَعْتِقُ أَوْ لَا يَضْرِبُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ لَا يَفْعَلَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ، أَوْ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ لَا بِقَبُولِهِ هُوَ لِغَيْرِهِ‏.‏

أَوْ لَا يَبِيعُ مَالَ زَيْدٍ فَبَاعَهُ بِإِذْنِهِ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

أَوْ لَا يَهَبُ لَهُ فَأَوْجَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إنْ قَبِلَ وَلَمْ يَقْبِضْ فِي الْأَصَحِّ، وَيَحْنَثُ بِعُمْرَى وَرُقْبَى، وَصَدَقَةٍ لَا إعَارَةٍ، وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ، أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِبَةٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا اشْتَرَاهُ مَعَ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فِي الْأَصَحِّ، وَيَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ سَلَمًا، وَلَوْ اخْتَلَطَ مَا اشْتَرَاهُ بِمُشْتَرَى غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَكْلَهُ مِنْ مَالِهِ‏.‏

أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِدَارٍ أَخَذَهَا بِشُفْعَةٍ‏.‏

كتاب النَّذْرِ

وَهُوَ ضَرْبَانِ نَذْرُ لَجَاجٍ‏:‏ كَإِنْ كَلَّمْتُهُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ، وَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَفِي قَوْلٍ مَا الْتَزَمَ، وَفِي قَوْلٍ أَيُّهُمَا شَاءَ‏.‏

قُلْت‏:‏ الثَّالِثُ أَظْهَرُ وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ، وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، وَلَا وَاجِبٍ، وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ، أَوْ تَرْكَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لَكِنْ إنْ خَالَفَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ‏.‏

وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ نُدِبَ تَعْجِيلُهَا، فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ، وَإِلَّا جَازَ‏.‏

أَوْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ وَصَامَ رَمَضَانَ عَنْهُ وَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ أَفْطَرَتْ بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ، فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ وَجَبَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَشَرَطَ التَّتَابُعَ وَجَبَ، وَلَا يَقْطَعُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ فَرْضِهِ وَأَفْطَرَ الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ وَيَقْضِيهَا تِبَاعًا مُتَّصِلَةً بِآخِرِ السَّنَةِ، وَلَا يَقْطَعُهُ حَيْضٌ، وَفِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لَمْ يَجِبْ‏.‏

أَوْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ أَبَدًا لَمْ يَقْضِ أَثَانِيَ رَمَضَانَ، وَكَذَا الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ فِي الْأَظْهَرِ، فَلَوْ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ تِبَاعًا لِكَفَّارَةٍ صَامَهُمَا، وَيَقْضِي أَثَانِيهِمَا، وَفِي قَوْلٍ لَا يَقْضِي إنْ سَبَقَتْ الْكَفَّارَةُ النَّذْرَ‏.‏

قُلْت‏:‏ ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَتَقْضِي زَمَنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

أَوْ يَوْمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ‏.‏

أَوْ يَوْمًا مِنْ أُسْبُوعٍ ثُمَّ نَسِيَهُ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ وَقَعَ قَضَاءً‏.‏

وَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ فَنَذَرَ إتْمَامَهُ لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَقِيلَ‏:‏ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ‏.‏

أَوْ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ، فَإِنْ قَدِمَ لَيْلاً أَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ فِي رَمَضَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ نَهَارًا وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ يَوْمٌ آخَرُ عَنْ هَذَا، أَوْ وَهُوَ صَائِمٌ نَفْلاً فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ يَجِبُ تَتْمِيمُهُ وَيَكْفِيه، وَلَوْ قَالَ‏:‏ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ قُدُومِهِ، وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَهُ فَقَدِمَا فِي الْأَرْبِعَاءِ وَجَبَ صَوْمُ الْخَمِيسِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ وَيَقْضِي الْآخَرَ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في نذر النسك والصدقة والصلاة وغيرها‏]‏

نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إتْيَانَهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إتْيَانِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ، وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ، فَإِنْ كَانَ قَالَ أَحُجُّ مَاشِيًا فَمِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ، وَإِنْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فَمِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ فَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ دَمٌ‏.‏

وَمَنْ نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ‏.‏

وَيُنْدَبُ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ مِنْ مَالِهِ‏.‏

وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ عَامَهُ وَأَمْكَنَهُ لَزِمَهُ، فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ، أَوْ عَدُوٌّ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

أَوْ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَوْ عَدُوٌّ وَجَبَ الْقَضَاءُ‏.‏

أَوْ هَدْيًا لَزِمَهُ حَمْلُهُ إلَى مَكَّةَ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى مَنْ بِهَا‏.‏

أَوْ التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ‏.‏

أَوْ صَوْمًا فِي بَلَدٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَكَذَا صَلَاةً إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَفِي قَوْلٍ‏:‏ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَظْهَرُ تَعْيِينُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا فَيَوْمٌ، أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ‏.‏

أَوْ صَدَقَةً فِيمَا كَانَ‏.‏

أَوْ صَلَاةً فَرَكْعَتَانِ، وَفِي قَوْلٍ رَكْعَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا‏.‏

أَوْ عِتْقًا فَعَلَى الْأَوَّلِ رَقَبَةُ كَفَّارَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي رَقَبَةٌ‏.‏

قُلْت‏:‏ الثَّانِي هُنَا أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ عِتْقَ كَافِرَةٍ مَعِيبَةٍ أَجْزَأَهُ كَامِلَةٌ، فَإِنْ عَيَّنَ نَاقِصَةً تَعَيَّنَتْ‏.‏

أَوْ صَلَاةً قَائِمًا لَمْ يَجُزْ قَاعِدًا، بِخِلَافِ عَكْسِهِ‏.‏

أَوْ طُولَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ‏.‏

أَوْ سُورَةً مُعَيَّنَةً، أَوْ الْجَمَاعَةَ لَزِمَهُ‏.‏

وَالصَّحِيحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ بِكُلِّ قُرْبَةٍ لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً كَعِيَادَةٍ، وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ، وَالسَّلَامِ‏.‏